قلب صناعي يحاكي الطبيعي..
حلم يتحقق
محمد السيد
على "17 مليون مريض في العالم يموتون بسبب أمراض القلب سنويًّا.. ربع المرضى فقط يتلقون قلوبا مزروعة.. والباقي ينتظر فرصته حتى يجد قلبًا لشخص مات إكلينيكيًّا".. حقائق وأرقام مفزعة دفعت جراح القلب الفرنسي الشهير "ألن كاربنتير" لتطوير قلب اصطناعي جديد يحاكي الطبيعي من حيث الوظائف، يمكن أن يعطي أملاً حقيقيًّا للمرضى الذين يعانون من فشل في وظائف القلب وهم في حاجة ماسة لزرع قلب بديل. وخلال مؤتمر صحفي عقده في باريس يوم الإثنين 26 أكتوبر 2008، عرض كاربنتير النموذج الأولي للقلب الاصطناعي بالكامل، حيث يحاكي التكنولوجيا المستخدمة في الأقمار الصناعية والطائرات.
ووفقا لموقع "هيلث نيوز" الأمريكي، اعتبر كاربنتير أن القلب الجديد يختلف عن غيره من النماذج التي صنعت من قبل، فهو يعد التصميم الأقرب للقلب الطبيعي للإنسان، حيث يعتمد على مركبات مستخلصة من خلايا حيوانية معالجة كيماويًّا، تحول دون رفض جهاز المناعة القلب الجديد، وتمنع أيضا تكوين جلطات دموية، وبهذا يستغني المريض عن الأدوية المانعة للفظ العضو، كما أنه يحتوي على مضختين بدلا من واحدة، فضلا عن تزويده بأجهزة استشعار تتفاعل تلقائيا مع النشاط البدني من حيث زيادة أو نقص عدد دقات القلب وضغط الدم. وذكر الموقع أن القلب الجديد تم تجربته على الحيوانات، في حين سيقتصر اختباره في الوقت الحالي على المرضى ذوي الحالات الميئوس من شفائها، ومن المأمول أن يساعد القلب الجديد أكثر من 17 مليون مريض في العالم بالقلب؛ منهم 20 ألفا من ذوي الحالات الحرجة. تحدٍّ حقيقي ويواصل الجراح الفرنسي العمل من أجل تطوير البطارية الخاصة بالقلب الجديد، كي يمكنها مواصلة العمل لفترة تمتد من 5 إلى 16 ساعة بمعدل مرتين في اليوم، فيما يعد سبقًا عن مثيلاتها التي تعمل لمدة 30 دقيقة فقط، وأشار إلى أن إعادة شحن البطارية أكثر من مرة في اليوم لن يكون أصعب من معاناة المريض نفسها. ويأمل أن تتم زراعة القلب للأشخاص الأصغر عمرًا، بسبب قدرة أجسامهم على التأقلم، والعودة بشكل أسرع إلى حياتهم الطبيعية، وأضاف أن أول عملية زراعة للقلب الجديد ستتم على ذوي الحالات الحرجة. أما عن إعادة شحن البطارية فهو التحدي الحقيقي، وذلك مع وجود خطر التعرض للعدوى، وهي مشكلة واجهت النسخ السابقة وإلى الآن لا يوجد لها حل. ومن المتوقع أن يتم تسويق القلب الجديد في غضون ثلاث سنوات، بسعر 250 ألف دولار أمريكي، وهي عملية مكلفة جدًّا وتتطلب جراحة كبيرة، وهذا يعني أنها ستقتصر على الأغنياء فقط لفترة طويلة. وجاء الاختراع الجديد كثمرة عمل متواصل دام 15 عامًا، وذلك بتمويل من شركة تصنيع أجهزة الطيران والدفاع الأوروبية EADS، التي تقوم بتصنيع طائرات Airbus. تفاؤل مشوب بحذر "لأي مدى يكون باستطاعة القلب الجديد أن يدق من 60 إلى 100 مرة في الدقيقة دون توقف طول العمر" علق الدكتور بيتر ويسبيرج مدير مؤسسة القلب البريطانية على الاختراع بطرح هذا السؤال، بحسب مجلة "التايم" الأمريكية الصادرة بتاريخ 7/11/2008، مع التأكيد على أن تطوير قلب اصطناعي له القدرة على تنفيذ جميع وظائف نظيره الطبيعي، هدف لأي باحث طبي. واعتبر الدكتور تيموثي جاردنر رئيس جمعية القلب الأمريكية الجهاز الجديد خطوة كبيرة إلى الأمام، وقد يسمح لأصحاب القلوب المزروعة بأن يعيشوا حياة أطول مقارنة بعمليات الزرع في الماضي. وفي الوقت ذاته شكك جاردنر في إمكانية نجاح القلب الجديد قائلا: "في الواقع إن جميع الأجهزة المزروعة واجهت تعقيدات غير متوقعة، مهما كانت مصممة بشكل جيد، إلا أن ارتباط التصميم باسم الجراح كاربنتير يزيد من احتمالية نجاحه". محاولات لم تكتمل لم تكن محاولة الطبيب الفرنسي هي الأولى من نوعها، بل سبقتها عدة محاولات كان أولها في الثاني من يونيو 2001 حينما نجح الأطباء في إجراء أول عملية زراعة كاملة لقلب صناعي في الولايات المتحدة الأمريكية لمريض يدعى Robert Tools. وقد تمت زراعة القلب الصناعي Abicore المصنوع من البلاستيك والتيتانيوم الذي صنعته شركة Abiomed Inc، إلا أن العملية لم تدم طويلا، ففي 11 نوفمبر من العام ذاته، أصيب المريض بضعف شديد في النصف الأيمن من جسده، وفقد القدرة على الكلام، ثم بدأ في 29 نوفمبر في نزيف داخلي تلاه فشل في عدة أجهزة الجسم وكان سببًا في وفاته. ولم تكن التصاميم السابقة مثل نموذج Jarvick 7، تعمل كبديل عن القلب البشري، وإنما لمساعدته جزئيًّا للقيام بوظائفه إلى حين حصول المرضى على قلب جديد، كما أن التصميم الأمريكي Abicore، فشل في اتباع عدد الدقات المطلوبة في قلب الإنسان. ويرجع تاريخ استخدام القلب الصناعي إلى منتصف الخمسينيات، ففي عام 1957 قام العالم الألماني Willem Kolff وفريق من العلماء بتجربة نموذجهم على الحيوانات، وفي أواخر الستينيات قدم Dr.Aclrian Kantrowitz جهاز الـ"JABP"، وكان جهازًا صغيرًا ذا كفاءة عالية، ولا يحتاج إلا إلى جراحة صغيرة لإدخاله بالجسم، ولكن بعد تطوير الجهاز لم يعد يحتاج إلى هذه العملية؛ لذا فقد انتشر استعماله بشكل كبير بين المصابين بهبوط في الدورة الدموية المزمنة وغير المزمنة. وفي عام 1969 نجح Denton cooley بمعهد تكساس للقلب وفريقه في إبقاء مريض أكثر من ستين ساعة على قيد الحياة بجهازهم، وقد استمرت أبحاثه حتى قام الدكتور جان نورمان في 1978 بزراعة جهاز "Model.7 ALVAD" الذي كان يستخدم للمرضى بعد عمليات القلب المفتوح، واستمرت التجارب وتطورت الأجهزة حتى أصبح المريض يستطيع الخروج من المستشفى بجهاز مزروع داخله وممارسة أعماله، وهو في انتظار قلب متبرع ليتم زراعته له. وعلى الرغم من كثرة التجارب والمحاولة التي أجريت سالفًا بهدف صنع بديل للقلب، فإن أيًّا من هذه النماذج لم يستطع مماثلة أو الاقتراب القلب البشري. -------------------------------------------------------------------------------- من أسرة شبكة إسلام أون لاين ، ويمكنكم التواصل معه من خلال البريد الإليكتروني للصفحة oloom@islamonline.net