مدونة صحة- تدل جميع إحصائيات السنوات الأخيرة على حدوث زيادة طردية وسريعة في عدد المصابين بالسمنة وداء السكري. وعلى الرغم من عدم اشتراط تلازم الحالتين، لكون النحيفين ليسوا بمنأى عن داء السكر، بيد ان زيادة الوزن وتقدم العمر يعدان من أهم عوامل خطر الإصابة.
وبين البروفيسور جون بيو هونغ، استشاري عمليات التجميل والترميم الميكروسكوبي الدقيق من مركز أسان الطبي، أن نسبة الإصابة بالسكر ارتفعت بشكل كبير مؤخرا بين شعوب آسيا أيضا، وعلل ذلك قائلا: «استمرار البشر في تطوير سبل الرفاهية والتمتع بالحياة، سبب تدهورا في أسلوب الحياة ليصبح أكثر إتخاما وخمولا، مما يفسر ارتفاع نسبة الإصابة بداء السكر إلى إصابة واحد من كل سبعة أشخاص، بعدما كانت النسبة واحدا لكل عشرة أشخاص قبل بضع سنوات».
مضاعفات يحكمها الوقت
ترافق عدم السيطرة على داء السكر مضاعفات تؤثر في جميع أجهزة الجسم، وتسبب تدهور صحة وكفاءة الشرايين والتروية. فقد بينت الإحصائيات وجود علاقة طردية بين حدوث مضاعفات مرض السكر، بما فيها بتر الأطراف، وبين مدة استمرار المرض من غير سيطرة. وتصل نسبة الإصابة بمضاعفات القدم السكرية إلى 3 أو 4 في المائة بين المرضى.
تقرح القدم يرفع نسبة البتر إلى 8 أضعاف
ونبه الدكتور هونغ إلى أن مضاعفات تقرح القدم السكرية من المسببات الرئيسية لبتر القدم عالميا، حيث بينت الإحصائيات ان نسبة بتر القدم ترتفع إلى 8 أضعاف عند حدوث تقرح القدم السكرية. وفي كل 30 ثانية يبتر طرف سفلي حول العالم نتيجة لمضاعفات الإصابة بالسكر، والمشكلة انه بعد بتر الطرف (القدم) فإن -%40 %68 منهم يتوفون خلال السنوات الخمس الأولى. كما يسبب البتر انخفاض قيمة الحياة وإنتاجية الفرد.
سبب مشاكل القدم
سبب اعتلال القدم السكرية الرئيسي هو اعتلال الأعصاب والدورة الدموية لقدم المصاب بالسكر، مما يؤدي إلى فقدان الإحساس بالقدم وقصور في التروية. وقد بينت الدراسات وجود ارتباط بين داء السكر وتصلب الشرايين، لتصل نسبة تصلب الشرايين التاجية والطرفية إلى %45 بعد عشرين عاما من الإصابة بالسكر. كما يشكل انخفاض مناعة مريض السكر سبباً لتكرار حدوث الالتهابات والتقرحات المزمنة التي يصعب التئامها.
يمكن تفادي البتر
وبين د. هونغ ان المدرسة القديمة كانت تقترح علاج مضاعفات القدم السكرية بالبتر حفاظا على حياة المريض، لتفادي مضاعفات تسمم الدم أو تسوس العظام بجرثومة أو تعفن الطرف (غرغرينا). وبالرغم من وجود حالات لا يمكن التعامل معها إلا بالبتر، فانه ينصح حاليا بتجنبه. وفسر الاستشاري قائلا: «تطور الطب الدوائي والجراحي وفر بدائل لعلاج القدم السكرية من أهمها العلاج العقاقيري والجراحة الميكروسكوبية الدقيقة التي تعيد ترميم الأوعية والعظام وطبقات جلد القدم المتضررة. وتتم في هذه العملية زراعة ما يسمى بـ«فلاب» على المنطقة المتضررة لتنمو وتعيد تروية القدم وتخلصها من القروح والالتهابات.
وللتوضيح «الفلاب» عبارة عن طبقة من الجلد وملحقاته من دهون وأوعية دموية، تؤخذ عادة من منطقة في البطن أو الفخذ أو الظهر، وشخصيا أفضل أخذها من البطن لكونها منطقة مخفية. وبما ان الزراعة تتم باستخدام طبقة من الجسم، لذا يندر أن يرفضها الجسم. وللعلم، أعتبر أول من بدء بجراحات القدم السكرية العلاجية الترميمية في العالم، وتوثيقها بدراسات نشرتها الدوريات الطبية. وقد أجريت ما يقارب 200 حالة لم تفشل إلا 5 حالات فقط».
أهمية فحص الأوعية الدموية بالأشعة
عادة ما يعاني مرضى السكر أمراضا متشعبة، كأمراض الكلى وارتفاع ضغط الدم واعتلالات الدورة الدموية. لذا، عليهم الخضوع لعدة فحوصات لتقييم صحتهم، خاصة لتقييم كفاءة عمل أوعية الساق. ومن أهم الفحوصات التصوير الإشعاعي للأوعية الدموية باستخدام الصبغة المسماة angiography، التي تكشف وجود ضيق أو انسداد وعائي حتى يمكن توسعته باستخدام البالون، أو بوضع دعامة بما يضمن إعادة جريان الدم وبالتالي تروية القدم. فقد يعزى عدم التئام الجروح وتقرحاتها لاعتلال دورة الساق الدموية. وحتى يخضع المريض لترميم القدم الجراحي الدقيق يجب التأكد أولا من صحة الدورة الدموية للقدم.
ماذا يمكن فعله؟
نبه د. هونغ إلى ضرورة السيطرة على المرض ورعاية صحة جلد الأطراف والجروح، خاصة بين الفئة الكبيرة بالسن. وشدد على ضرورة اهتمام المرضى بنظافة القدم، مع علاج الجروح بكفاءة وسرعة. وفي حالة تطور الأمور يمكن الخضوع لعمليات الترميم الميكروسكوبي بدلا من البتر. فنشر الوعي بهذه الخطوات سيقلل من حالات البتر، بما يزيد من معدل حياة المصابين وإنتاجيتهم، وتفادي حدوث مضاعفات تمنعهم عن العمل، بما يكلف الدولة الكثير.
إرشادات للعناية بالقدم
حول إرشادات العناية بالقدم للمصابين بالسكر، قال د. هونج:
- من المهم اتباع الخطوات التالية لوقاية القدم من المضاعفات:
- نظرا لانخفاض إحساس مرضى السكر بأقدامهم، لا بد من ان يكثروا النظر إليها مع لمسها أيضا، حتى يشعروا بحرارتها ويكتشفوا أي جرح أو تشقق مبكرا.
- تتميز قدم مرضى السكر بالجفاف نتيجة انخفاض معدل التروية وكفاءة الغدد العرقية، بما يسبب حدوث تشققات جلدية تكون بؤرة لبداية الالتهابات. لذا يجب الحرص على ترطيب القدم بالكريم باستمرار.
- تجنب استخدام الماء الحار جدا أو البارد جدا لغسل القدم، أو غمرها في الماء لمدة طويلة.
- تجنب المشي حافي القدمين، ويفضل لبس الجوارب القطنية على ألا تكون ضاغطة، مع تبديلها مرتين في اليوم بما يزيد من فرصة رؤية القدم.
- الالتزام بزيارة الطبيب كل 3 اشهر لفحص القدم.
- لا بد من لبس حذاء طبي مناسب، وعادة ما يتم تصميمه خصيصا بحسب مقاسات القدم.
- يجب التحكم بداء السكر والسيطرة على مضاعفاته من خلال علاجه بطريقة فعالة.
مسببات تقرح قدم مرضى السكر
يجب على مرضى السكر تفادي الآتي:
- اصطدام أو ضرب القدم بجسم صلب.
- تعريض الجلد للحرارة مثل استعمال التدفئة أو الماء ساخن.
- ارتداء حذاء ضيق يسبب احتكاك الجلد واختناق منطقة من القدم.
- جرح القدم عند قص الأظافر أو تقليمها.
- عدم الاهتمام بسلامة القدم ونظافتها.
- جفاف القدم وتشققها.
ماذا تفعل عند حدوث القرحة؟
إذا ظهرت على قدم المصاب بالسكر قرحة أو جرح، من المهم استشارة الطبيب لمعرفة أفضل طريقة للعناية بها. وعادة ما تتضمن الإرشادات الحفاظ على نظافة المنطقة ووضع كريمات علاجية وترطيبها مع تقليل السير على القدم أثناء الفترة الحادة للجرح والمداومة على رفع القدم عن مستوى الجسم. فغالبا ما ينصح المريض باستعمال العكازات والكرسي المتحرك لعدم وضع ثقل على منطقة القرحة، وتقليل تورم القدم. وان لم يلحظ المريض بدء عملية الالتئام خلال أيام من الإصابة، فيتجب مراجعة المعالج لتقييم جميع العوامل الأخرى التي قد تؤخر الالتئام، مثل صحة أوعية الساق والقدم والحالة الغذائية ونوع الانتان وغيرها من العوامل.
الكويت مركز خليجي لجراحة الترميم والتروية
حول الوضع في الكويت علّق الدكتور جون هونغ: «يتم حاليا الترتيب لإعداد جدول لزيارة أطباء من فريق عمل مركز آسام الطبي الكوري لزيارة مستشفيات الكويت. وللعلم، فمركز آسام الطبي يعد من المراكز العالمية الشهيرة ويضم خبراء في جميع التخصصات ويعد من المراكز الكبيرة، حيث يضم ما يقارب ثلاثة آلاف سرير. وذلك تجاوبا مع سياسة وزارة الصحة الكويتية ورؤية الاستشاري احمد الفضلي، مدير مركز البابطين للحروق والتجميل، بتأهيل الكوادر المحلية حتى تقوم بإجراء العمليات الصعبة والمتطورة للمرضى محليا. «ولا يغفل أن انتشار داء السكر في الكويت سبب زيادة في عدد الحالات المحتاجة لجراحة تروية وترميم القدم السكرية، حتى تتفادى عملية البتر. وخلال هذه الزيارة أجريت 3 عمليات من هذا النوع مع الطاقم المحلي. وكتقييم، أجد أنهم يتمتعون بالحماسة والمثابرة، واستنادا للطموح الذي أجده في الطاقم الكويتي أتوقع أن يتطور الوضع في مستشفى الكويت ليصبحوا مركزا يغذي الخليج للقيام بهذه العمليات».
لكن لا بد من التنبيه على ان هذا النوع من العمليات يتطلب الدقة والجهد والكثير من الوقت، حيث تستغرق العملية ساعات طويلة. لذا لا بد من مراعاة ذلك من قبل جهات العمل، حتى يتم توفير جو العمل المناسب وتقديرهم ماديا أيضا مقابل الساعات الإضافية.
حالة قدم جاركو (الطباشيرية)
في حالات معينة، قد ينتج عن سوء الوظيفة الوعائية والعصب الحسية الحركية مع اجتماعها بعوامل أخرى تحول عظام القدم من حالتها الصلبة إلى حالة هشة ورقيقة لتظهر حالة تسمى بقدم الجاركو (أو القدم الطباشيرية)، مما يفسر إصابتها بكسور ميكروسكوبية أو عادية من جراء اقل ضغط عليها. وتتميز أعراضها المبدئية بتورم غير مبرر وحيد الجانب لإحدى القدمين والتي قد تكون مؤلمة أو غير مؤلمة. وقد يظهر التورم صباحا، ولكن في مرحلة متقدمة يستمر دوما ويلازمه الألم.
ومن المهم التوضيح بأن الاعتلال المفصلي العصبي ليس حصرا على مرضى السكر، بل قد يترتب عن أي مرض يسبب تلفا للأعصاب الطرفية أو للجهاز العصبي المركزي، كمرض فقد حس الألم الوراثي وتكهف النخاع.
الأعراض
من أعراض حالة قدم جاركو تورم القدم، وارتفاع درجة حرارتها. وفي البداية لا يظهر عليها تشوه في الشكل. وعند ظهور التشوه في مرحلة لاحقة، عادة ما يرافقه الشعور بصوت «طقطقة» عند منتصف القدم. وفي حوالي 60% يحدث التشوه والكسر عند مستوى الوصل الكعبي المشطي، فيما تحدث البقية في المفاصل الأخرى. وللعلم، فالكسور الأكثر قربا من الكاحل هي الأكثر شدة من حيث المعالجة وإعادة التأهيل.
التشخيص
من الصعب تشخيص الإصابة، لذا يجب اعتبار تورم قدم واحدة بدون وجود تقرح لدى المصاب باعتلال الأعصاب كإصابة بكسر «جاركو» حتى يثبت عكس ذلك. وعادة، ما لا يفيد فحص التصوير بالأشعة السينية العادية لأنها ستكون سلبية في الطور الباكر، فكسور جاركو تكون ميكروسكوبية، كما أنها تبدأ كأذية أربطة من دون العظم. بينما تظهر الأشعة دليلا ايجابيا على الحالة المتقدمة لأنها تظهر كسورا وشروخا في العظم.
وينصح بان يخضع المصاب لفحص التصوير بالرنين المغناطيسي، لأنه يبين حالة العظام والأربطة ووجود أي تورم ورشح، بما يعد دلالات على تشخيص الإصابة.
العلاج
أساس العلاج هنا هو الاستمرار في إراحة القدم ورفع الوزن عنها من خلال الاستعانة بالعكازات والكرسي المتحرك. وغالبا ما ينصح المريض بلبس قالب من الجبس أو قالب مصنوع من مادة الفيبرغلاس يلبس مثل الحذاء الكامل (البوت) على الساق والقدم. وبحسب الحالة، قد يستمر في لبسه لمدة تتراوح بين 4 إلى 6 اشهر على الأقل. والسبب هو تقليل فرصة حدوث الكسور مع إعطاء القدم فرصة للالتئام وبناء العظام. ولا يمكن هنا التشديد بشكل كاف على ضرورة السيطرة على مرض السكر ومضاعفاته خلال هذه الفترة.
ويخضع المصاب لفحص التصوير الإشعاعي العادي دوريا للكشف عن حالة التئام الكسور. ومن علامات الشفاء الإكلينيكية اختفاء ارتفاع الحرارة والتورم وصوت الطقطقة، لكن أحيانا قد يحتاج الورم لعام كامل حتى يزول. ويمكن للمصاب بعد الشفاء العودة للسير على القدم بشكل تدريجي، بحيث تتزايد المدة بواقع 10-20 دقيقة يوميا فقط
عن عمون الصحي.